رحلة الهلوسة ذهابآ وإيابآ ! بقلم : روعة محسن الدندن/سوريا


أغلب الحضارات القديمة بحثت في وقت ما،عن جذور أو أعشاب أو حبوب ،تساعد في الإسراع بعملية التحلل من تأثير الضغوط الملحة التي يفرضها محيط الإنسان،الفرس كان لديهم شراب "الوما" وهو وفقا للكتب والتعالم السنسكريتية ،العقار الذي " يحيل الإنسان إلهاً" 

وهيلين طروادة الإغريقية ، كان لديها " شراب السلوان" ،وفي الهند ومصر انتشر " الحشيش،والمارنجوانا" ،وأما أوروبا وآسيا عرفوا عش الغراب المنقط الجميل " أمانيتا" الذي يقتل الذباب ،ويبعث السعادة في نفس الإنسان. وأما المكسيك فقد فضلت ما أسمته " مجدالصباح" وهو من أنواع الصبار.

جميع هذه النباتات تحوي مواد كيميائية تصل بالإنسان إلى حالة من التحليق فوق نطاق واقعه المباشر ،ومعظمها كان يستخدم كمكملات للمراسيم الدينية والسحرية .إلا أن أكثر هذه المواد فعالية وتأثيراً ،هو مايسمى " فطر سعدانة الفرس" الذي ينمو على الحبوب..وهو ما شاع بين الناس تحت اسم( عقار الهلوسة)


اشتهر الطبيب التشيكوسلوفاكي الأصل ستانيسلا جروف بإستخدامه عقار الهلوسة لعلاج الحالات المستعصية من الأمراض العصبية في بلده ثم في أمريكا عندما أصبح رئيساً لخدمات العلاج النفسي بمركز البحوث النفسية بإحدى ولايات أمريكا

وقد حدد الدكتور جروف أربع حالات يمر بها المريض من خلال تجاربه التي أجرها ،ولفتت نظره رغم اختلافات الحضارية والجغرافية والعقائدية بين القارتين ،والتي أظهرت ظهور الرموز الأسطورية الدينية خلال سلسلة رحلات الهلوسة التي كان المرضى يمرون بها نتيجة استخدام العقار وهي


* في المرحلة الأولى لرحلة الهلوسة ،يكشف المريض عن الرموز والمفردات الدينية التي ترتبط بطفولته ،وخاصة مايتصل بالصراعات النفسية التي عاناها 


* وفي المرحلة الثانية يبدي المريض ضروبا من المعاناة والعذاب ،وهو غالباً ما يصف هذا الجحيم .والمعاناة هنا ترتبط كثيراً بمعاناة الأنبياء ،والرسل والآلام التي مارسوها.


* فهي التي يبزغ فيها الأمل في الخلاص ...ويتكلم المريض بسعادة عن اجتيازه مرحلة التطهير والتكفير


أخيراً ...يصل المريض إلى المرحلة الختامية ،حيث يصف مشاعر التحرر والإنطلاق التي يمارسها .وتتردد على لسانه تعبيرات الموت والبعث الجديد..ويؤكد المريض أن وطأة الخوف والشعور بالإثم ،قد رفعت عن كاهله وأنه أصبح سعيداً ، مشحوناً بالحب.

يضيف الدكتور جروف قائلاً أن المصطلحات والرموز الدينية ليست هي فقط مايتردد على لسان المريض خلال رحلة الهلوسة ،بل يظهر إلى جانب ذلك الكثير من الألفاظ والإصطلاحات والمعتقدات التي تبدو وثيقة الصلة الهندوكية ،ومحتويات كتاب " الفيدا" ومايوازي مراحله " الترفانا" في العقيدة البوذية،وتجربة " كندلاني" في عقائد اليوجا.فالمريض الذي لا تكون لديه أية فكرة عن هذه العقائد،يصف المرحلة الأخيرة من رحلة الهلوسة، وما يصاحبها من قوة تندفع خلال نخاعه الشوكي إلى المخ.. بل يقول البعض أنهم مارسوا نفس مباهج الإتصال الجنسي،دون أي فعل بيولوجي ...مارسوه كطقس مقدس ،شبيه بما يحدث في طقوس اليوجا


* وفي المرحلة الرابعة يظهر أيضاً في حديث المريض،مايسميه ذكريات الحيوات السابقة ..حياته هو، وحياة الآخرين ،على مدى التاريخ البشري..وتبدو هذه الذكريات وكأنها قادمة من الماضي السحيق،على بعد قرون طويلة ،ومن بلاد بعيدة..!

وقد استنتج د.جروف من ذلك ،أن العقل الإنساني أشبه بجبل عائم من اللاشعور الفردي والجماعي مع تراث ضخم من ذكريات الجنس البشري ،وإن التحليل النفسي الفرويدي القديم الحديث أو مايطلق عليه علم نفس الأعماق ،لا يتجاوز جهده ،خدش سطح ذلك الجبل العائم ،وإن مدوامة التعاطي خارج الإجراءات أو التجارب العلاجية التي تتم تحت إشراف الطبيب المختص تؤدي إلى حالة المرض العقلي النفسي الدائم.وفي كثير من الأحيان تكون رحلة الهلوسة ذهاباً بلا إياب.

وهناك خطورة الإنتحار غير المقصود .فعند تلاشي الحواجز في المخ ،يفقد الشخص في أي لحظة تقديره لإمكانياته البشرية ،فيتصور أنه قادر على الطيران أو القفز من أعلى مكان إلى الأرض بأمان.

ويصف أحد العلماء تجربته الشخصية في استخدام عقار الهلوسة فيقول:"لقد كانت تجربة غاية في الإحباط ،كما لو أنك استطعت الوصول إلى الجنة ،وعاينت مشاهدها،وعايشت إدرتكاً واسعاً لمباهجها...ثم طردت منها شر طردة.."


أغرب من الخيال ( راجي عنايت) عجائب العقل البشري

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شباب المفرجية يصحو من نومه العميق بعد جريمة القتل البشعة

" الناتو العربي " أو " ناتو شرق أوسطي " ! بقلم: الدكتور نور الدين منى

وتتجلي الحقيقة في ابهي صورها وتدخلين وتخرجين!!!!؟؟