التطرف .. بداية النهاية! بقلم الكاتبة الصحفية : عبير مدين
عندما نذكر كلمة تطرف يذهب تفكير الغالبية العظمى إلي العقيدة الدينية والحقيقة أن التطرف موجود في حياة كل فرد ويشكل منهج حياته في العديد من الموضوعات الحياتية عندما يميل بعقله لفكرة ما تبعده عن الحيادية والموضوعية
وخطورة التطرف تكمن في أنه طريق يقود إلى التعصب
التعصب للأفكار والمعتقدات يعتبر آفة ثقافية تصيب المجتمعات المنغلقة التي تعترف بقدرات العقل المنفتح والتعايش الإنساني ولأن التعصب لا يعترف بوجود الآخر
المتعصب مهووس بالخلاف والإختلاف على مجرد رأي وفكرة، لأنه عقل لم يتعلم معنى التعايش وقبول الآخر ولم يستوعب قيم الحرية والتعددية
من أبرز أسباب التطرف والعنف والعدائية هو فقر المعرفة وضيق الأفق وكراهية الإختلاف واحتكار الحقيقة ، فهذه تعمي العقل عن الرؤية السليمة وتشكل ضبابا يعوق المعرفة
(رغم اختلافي معك لكن أحترم رأيك أو وجهة نظرك) عبارة رغم بساطتها لكنها السهل الممتنع الكثير يدافع عن رأيه باستماته وقد يلجأ إلى لغة السب والشتم والتجريح رغم كونها مرفوضة اخلاقيا ولكنها تصبح مشروعة حينما تكون لمحاورة الآخر المختلف معنا فكريا وسياسيا واجتماعيا وعقائديا في ثقافة مجتمعنا المعاصر
الوطن لا يمكن أن يحمل دينا واحدا، لا يمكن أن يفرض ثقافة واحدة، لا يمكن أن يصنع السعادة والسلام والطمأنينة إذا جعل الشعب يحمل خيارا واحدا فقط التنوع ظاهرة صحية في أي مجتمع يسعى لتطوير نفسه
ويفتح مجال البحث والمعرفة
التطرف ومن بعده التعصب يجعل العقول تتوحش يوما بعد يوم بعد أن يتم م افراغها تدريجياً من الحب وحشوها بكراهية المختلف في الرأي والانتماء
جميعنا يتحدث ويحلم بالديمقراطية لعلمه بل لإقتناعه بمقدرتها على خلق أجواء الحريات وحقوق الإنسان لكن عند أول اختبار يسقط الكثير وتتباين درجات الناجحين لأن الغالبية ترفض أن تعترف بالخطأ
مستوى الشعوب يُقاس اليوم بمدى تعايشها واهتمامها بالتنوع، وبقدرتها على التطور الفكري الذي يخدم مصالح الوطن الذي قد يوصم بالتخلف والجاهلية والهمجية عندما نحارب التعدد الثقافي والفكري وقد يقود هذا التعصب إلى وقوع الجرائم التي تصل إلى حد إزهاق الأرواح!
الكارثة الحقيقة أن تصبح المحافل الإعلامية أداة لزرع التطرف والتعصب بإسم حرية الرأي! هذه الحرية التي تظهر وتختفي حسب الحالة المزاجية للقائمين على الإدارة
الحقيقة أن الإعلام عندنا يحتاج إلى ثورة لتصحيح مساره بعد أن أساء بشكل مستفز لتركيبة المجتمع ولشكل الدولة أمام العالم أجمع فهو إما أن يبث برامج واخبار تزرع العنف و إما أن يطل علينا بموضوعات تافهة جعلتنا أضحوكة الكون
علينا أن نكون أكثر مرونة وموضوعية ونتقبل الرأي الآخر ونحترمه، علينا أن نعيد تثقيف أنفسنا بأنفسنا إن كنا نرغب في العيش بسلام وأمان واستقرار وإن كنا نرغب في بناء جمهورية جديده
تعليقات
إرسال تعليق