التطور الأخلاقي والإنساني والشذوذ

 






روعة محسن الدندن/ سورية

التطور الأخلاقي هو الإرتقاء بالمعاملات البشرية لمنع أي ايذاء للأخرين إهانة
أو سرقة أو قتل أو اغتصاب وغير ذلك من انماط السلوك المؤذية للإنسان التي ستمنحنا الاستقامة العقلية لنصدر أحكامنا على الواقع بانسجام تام دون تناقض وخرق لقواعد المنطق. وغالباً ما يطلق على شخص يخرق قواعد التفكير وصوره صفة الأحمق
والأحمق ليس المعني بقولنا عن الاستقامة العقلية وخرقها، لأنّ الأحمق لا يصدر في سلوكه عن وعي بالسلوك الأحمق، بل عن علة في مستوى الفهم والإدراك.
والانحياز ليس دائماً معرّة ومذمة. فالانحياز الأخلاقي يصدر عن ضمير حي، ومثله الانحياز العقلي الذي يصدر عن عقل يلتزم قواعد المنطق والتفكير السليم
ولهذا فإن الانحياز اللاأخلاقي يقود بالضرورة إلى الانحياز اللاعقلي، والانحياز اللاعقلي يقود إلى الانحياز اللاأخلاقي.
وأما الشذوذ في اللغة العربية فهو
شذوذ لغويّ: خروج عن القاعدة ومخالفة القياس
ابتعاد عن الوضع الطَّبيعيّ، انحراف عن القاعدة أو الشَّكل أو النِّظام المتعارف عليه أو الشّائع شُذوذ سلوك/ طَبْع
شذوذ جنسيّ: انحراف عن السُّلوك الجنسيّ الطّبيعيّ
شذوذ خِلْقيّ: تشوّه في الخِلْقة، خِلْقة ممسوخة
فهل يصح القول عن مجتمع أن يملك استقامة اخلاقية أو عقلية وهو منحرف بخروجه عن القاعدة ومخالفة القياس
والسلوك الطبيعي لتواجده
لا يخفى على أحدٍ أن أمريكا هي القوة العظمى الحالية في هذا العالم، وأن هذه المواقف المتحررة إزاء الجنس في أمتنا تماثل ما حدث في الحضارات السابقة خلال مراحل انحطاطها. ولا يخفى أيضًا أن المجتمع الأمريكي حقق تقدمًا علميًا وتكنولوجيًا، وقد يجادل البعض بأن التقدم الأمريكي أهمل التعاليم القديمة عن أهمية الاستقامة الجنسية. لقد حدد مبحث أونوين هذا الموقف بعينه؛ باعتباره رأيا بارزا في كل مجتمع من المجتمعات السابقة أيضا:
«… إنهم مقتنعون بأن العملية الثقافية عبارة عن تطور تدريجي، وأن ثقافتنا هي الأكثر تقدما بين جميع الثقافات، إننا نفترض أن كل تغيير في الحالة الثقافية مؤشر على تطور ثقافي أعلى».
وإن الانضباط الجنسي هو أساس التقدم العلمي والتكنولوجي الذي نراه اليوم.
وهذا ما قاله أونوين أن الانضباط الجنسي يسهم في رفع الطاقة الاجتماعية اللازمة لتحقيق غايات حضارية، وهذا يؤكد صحة التسامي الفرويدي على المستوى الاجتماعي، ويعقب أونوين مدلِّلًا:
«قد لوحظ أن الطبقة التي تصعد إلى مواقع الهيمنة السياسية دائما ما تكون منضبطة جنسيًا. لقد حافظت تلك الطبقة على طاقتها، وأحكمت سيطرتها على المجتمع، وكبحت جماح نفسها قبل الزواج (Pre-nuptial)، وبعد الزواج (Post-nuptial)، ولم أجد أي استثناء لتلك القواعد».
الأثر الإجتماعي والموقف القانوني
وحول الآثار الاجتماعية للشذوذ الجنسي على افرد والأسرة والمجتمع
بعض المخاطر الكبيرة التي تنتج عن انتشار وتقنين الشذوذ الجنسي على المجتمعات البشرية، والتي منها:
1- قلة النسل.
2- معاناة المجتمع من كثرة الشيوخ وقلة الشباب.
3- انهيار مؤسسة الأسرة التي هي نواة المجتمع.
4- ظهور العديد من الأمراض، والتي من أخطرها مرض الإيدز.
5- ارتفاع معدلات العنف والجريمة...
(يقول طبيب فرنسي نطاسي يدعى الدكتور ليريه: إنه يموت في فرنسا ثلاثون ألف نسمة بالزهري،ومايتبعه من الأمراض الكثيرة في كل سنة .وهذا المرض هو أفتك الأمراض بالأمة الفرنسية بعد حمى " الدق" .وهذه جريرة مرض واحد من الأمراض السرية التي فيها عدا هذا أمراض كثيرة أخرى)*
وقد صور (بول بيودر) انهيار الأخلاق في بلاده حيث قال: "لم يعد الآن من الغريب الشاذ وجود العلاقات الجنسية بين الأقارب في النسب، كالأب والبنت، والأخ والأخت في بعض الأقاليم الفرنسية، وفي النواحي المزدحمة في المدن"
وقد جاء في تقرير طبيب من مدينة (بالتي مور): "أنه قد رفع الى المحاكم في تلك المدينة اكثر من ألف مرافعة في مدة سنة واحدة، كلها في ارتكاب الفاحشة مع صبايا دون الثانية عشرة من العمر".
يقول الدكتور (راديت هوكو) في كتابه ( القوانين الجنسية): "انه ليس من الغريب الشاذ حتى في الطبقات المثقفة المترفة، ان بنات سبع أو ثماني سنين منهم، يخادن لداتهن من الصبية، وربما تلوثن معهم بالفاحشة"
يقول (هنري فورد) فيما أُثِر عنه: «ما التاريخ إلا كلامٌ فارغ!»، وبصفته مخترع خط التجميع، ومخترع السيارة من الطراز تي؛ فإن اسم (فورد) لا ينفك عن كونه المثل الأعلى للتقدم التكنولوجي، وأحد أسباب التقدم البشري. وبالنسبة لأولئك الذين ينادون بالتقدم العلمي الحديث؛ باعتباره السمة المميزة لجيل ذكي ومتطلع فكريًا أكثر من الأجيال السابقة؛ فإن كلمات فورد الآنفة تصير بالنسبة لهم اعتقادًا لا يقبل الشك!
ولسوء الحظ؛ تتغير الأخلاق والسلوكيات مع نجاح كل حضارة نحو الأسوأ، ويضعف الانضباط الأخلاقي، وتبعًا لذلك تتغير السلوكيات الجنسية؛ حتى يصبح الانفلات واضحًا -هذا مع أن نجاح الحضارات مرتبط بالضبط الأخلاقي الجنسي- ويصير من السهل رؤية عواقب مقولة: أن آثار النشاط الجنسي تقتصر فقط على الجانب الشخصي؛ إذ شاعت العلاقات الشاذة، وراجت علاقات خارج نطاق الزواج وعلاقات ما قبل الزواج، وبدأ الفرد بوضع رغبته الفردية فوق المصالح العامة (Common good). وهذه الفوضى الجنسية تترافق مع الانخفاض الملحوظ في الطاقة الاجتماعية المطلوبة للابتكار والتقدم الحضاري. إلى أن تغدو –في النهاية- كل حضارة أقل تماسكًا (Less cohesive)، وأضعف بأسًا، وأقل عزمًا (Less resolute)، ثم تنهار في تلك المرحلة الحساسة، إما من:
– ثورة داخلية فوضوية.
– غزو من قبل محتلين لديهم طاقة اجتماعية أكبر.
إن الفكرة الأمريكية المتمثلة في كونها الحضارة الإنسانية الأكثر تقدما في التاريخ هي مجرد مثال آخر على التشابه التاريخي -غير المبشّر- الذي أشار إليه أونوين عندما أماط اللثام عن الأنماط الاجتماعية (Social patterns) فعلى مدار خمسة آلاف عامٍ من التاريخ البشري، تفشت تلك العقلية نفسها وآمنت بقدرتها على كسر الحلقة، ومع ذلك لم تتمكن أمة من تلك الحضارات السابقة من فعل ذلك.
ربما رغب البعض أن يرى عمل أونوين هذا بمثابة التنبؤ لمصير الحضارة الأمريكية الآيلة للسقوط، أو قراءته كمجرد استمرارية تاريخية سيتم التغلب عليها بوساطة التقدم العلمي والتكنولوجي. ومهما كان، لا ينبغي التغاضي عن مكانة الأخلاق الجنسية وأهميتها في حياتنا اليومية؛ لارتباطها الوثيق بالازدهار والانتعاش الحضاري. فكبح جماح النفس والتحلي بالانضباط الجنسي ليس نتاج ماض تليد يمكن للتقدم العلمي أن يحل محلها
عدة مراجع من مقالات
وكتاب دستور الأسرة لأحمد فائز
قد تكون صورة ‏‏‏شخص واحد‏، و‏وقوف‏‏ و‏نص‏‏

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شباب المفرجية يصحو من نومه العميق بعد جريمة القتل البشعة

" الناتو العربي " أو " ناتو شرق أوسطي " ! بقلم: الدكتور نور الدين منى

وتتجلي الحقيقة في ابهي صورها وتدخلين وتخرجين!!!!؟؟