الطاغية ! بقلم الكاتبة الصحفية : روعة محسن الدندن/ سوريا
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
لطالما كان للأدب الكوني العظيم علاقة مأساوية بالحرية. تخلى الإغريق عن الحرية المطلقة وفرضوا النظام على الأساطير الفوضوية ، مثل الطاغية.(اسماعيل قادري)
بأنه "رجل يصل إلى الحكم بطريق غير مشروع، فيمكن أن يكون قد اغتصب الحكم بالمؤامرات، أو الاغتيالات، أو القهر، أو الغلبة. باختصار هو شخص لم يكن من حقه أن يحكم لو سارت الأمور سيراً طبيعياً لكنه قفز إلى الحكم عن غير طريق شرعي، وهو لهذا يتحكم في شؤون الناس بإرادته لا بإرادتهم، ويحاكمهم بهواه لا بشريعتهم، ويعلم أنه غاصب ومعتد فيضع كعب رجله في أفواه ملايين الناس لسدها عن النطق بالحق، أو التداعي للمطالبة به".
ومع ذلك فإنه يتصف بالأولوهية والقداسة ففي بعض الأماكن وحسب العقائد السائدة أن الكوارث تحدث بسبب الإساءة التي لحقت بهذا الحاكم أو ذاك، والإعتقاد السائد أن موت الحاكم أو مقتله يوقع الكوارث والأوبئة ،فغيابه يغير نظام الكون ولذلك كما قال إمام عبد الفتاح عن الطاغية
أنه "لا يعترف بقانون أو دستور في البلاد، بل تصبح إرادته هي القانون الذي يحكم، وما يقوله هو أمر واجب التنفيذ، وما على المواطنين سوى السمع والطاعة، ويسخّر كل موارد البلاد لإشباع رغباته أو ملذاته أو متعه التي قد تكون في الأعم الأغلب حسية، أو قد تكون متعته في طموحاته إلى توسيع ملكه، أو إقامة إمبراطورية".
وكما قال أفلاطون " إننا لا نناقش موضوعاً هيناً،إننا نناقش، كيف ينبغي أن يعيش الإنسان،..!
فحسب رائد الفلسفة الحسية التجريبية جون لوك في الفقرة ١٩٢ من كتابه (في الحكم المدني)
لا يستطيع أحد أن ينتزع السلطة ليحكم رغماً عن إرادة المحكومين، وإلا أصبح مغتصباً، فالإغتصاب هو الإستيلاء على ماهو من حق لامرئ آخر
فما الذي يجعل (نابليون) عظيماً ويجعل (هتلر) سيئاً وطاغية !، وكلاهما لا يجيد سوى الغزو واشعال الحروب ، إنهم المؤرخون.. وأشياء أخرى.. احصل على مؤرخ سيء.. تحصل على تاريخ جيد.(محمد الرطيان)
فما فعله جميع الطغاة على مدار التاريخ أن لا يسأل عما يفعل وهم يسألون
فكما تصور القدماء أن الحاكم من طبيعة غير طبيعة البشر فهو من طبيعة إلهية فإما يكون إله أبو ابن الإله أو هو يحكم بتفويض مباشر أو غير مباشر من الله
وهذا ما يتوافق مع (الكواكبي)
أنه ما من مستبد سياسي إلا ويتخذ لنفسه صفة قدسية يشارك بها الله
وهذا ما جعله ينفرد بخاصية أساسية في جميع العصور، وهي أنه لا يخضع للمساءلة ولا المحاسبة ولا للرقابة،
فكلما ارتفعت نسبة الأمية انتشر الجهل وغُيب الوعي الذي يجعل الشعوب غير قادرة على تدبر أمورها أو الإعتماد على قدراتها مما يجعلها تنظر للزعيم أو تنتظر للحاكم الأوحد على أنه المخلص والذي يفدى بالروح والدم لأنه مرسل من الإله
وهنا اتذكر ما كتبه الكاتب ممدوح عدوان مدخلا للحديث عن الطاغية عبارة كتبت على شاهدة لقبر طاغية
" قلت لطاغية :
أنت لا الحاشية
سبب المحنة الدامية"
وربما هذا الذي ادركه الناس في جزيرة جنوب المحيط الهادي حيث كانوا يعدون حكامهم المسؤولين عن حالة الطعام في الجزيرة ،ولذلك كانوا يقتلون الحاكم كلما حدثت مجاعة ،وبعد مقتل هؤلاء الحكام واحدا بعد الآخر لم يعد هناك من يجرؤ على تسليم الحكم
فعندما تتغير مفاهيم الناس من ادراك المفهوم للسلطة للحفاظ على الأمن الداخلي والخارجي والحفاظ على الحريات للأفراد وحمايتهم وعدم تجاوز الحدود لتلك السلطة لتكون مطلقة فتنقلب إلى نوع من الطغيان وهي محصورة بشخص الحاكم
الذي يمثلها ويحتفظ بها بما يملك من الجبروت والبطش
وهذا ما أشار إليه امام عبد الفتاح في كتاب (الطاغية)
فالطغيان في كل عصر صفة للحكومة المطلقة العنان التي تتصرف في شؤون الرعية بلا خشية حساب ولا عقاب"، وهو يؤكد أن "الحساب بالغ الأهمية لأنه يفرق بين عائلة الطغيان أياً كان أفرادها، وبين الأنظمة الديمقراطية التي يحاسب فيها رئيس الدولة كأي فرد آخر".
فالطغيان صناعة الشعوب التي تصنع من أجسادها قصورا لهم
ومن خوفهم أرصدة البطش والأبدية
جميلة تلك الحكمة اليونانية التي تقول:
"الإسكافي يصنع الحذاء ،ولكن من ينتعله هو وحده الذي يعرف أين يضايقه"
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق